أولاد عـــزوز وأولاد سيدي الشيخ

العلاقات الوثيقة التي تربط بين آل سيدي عــزوز وآل سيدي الشيخ ، والتي تتجلى بوضوح في تشابه أسماء الأجداد بين الطرفين ، وكأن هذه الأسماء كانت علامة مميزة اختصت بها هاتان العائلتان دون غيرهما من القبائل ، لم يقتصر هذا التشابه على الأسماء فحسب ، بل امتد إلى أماكن إقامتهما ، حيث تحمل المناطق التي سكنوها تسميات متشابهة ، مما يعزز فكرة وجود صلة تاريخية بينهما ، ومن الجوانب التي تبرز هذه العلاقة ، مشاركة عدد من شباب آل عـــزوز مع أولاد عيسى بن نائل في ثورة الشيخ بوعمامة ، تلك الثورة التي كانت رمزا للنضال ضد الاستعمار الفرنسي ، ويحكى أن قدوم آل سيدي عــزوز من المغرب تم عبر مدينة فقيق ، التي كان يقطنها آل سيدي الشيخ الغرابة ، ثم عبروا إلى منطقة صفيصيفة في ولاية النعامة و كذلك البيض حيث مضارب آل سيدي الشيخ الشراقة ، هذا المسار الجغرافي يعكس تقاربا لافتا في مسارات هجرات العائلتين ، وتتحدث المجلة الإفريقية في العدد السادس لعام 1862 الصفحة 47 عن تأسيس مسجد النخلة ببوسعادة فتذكر قدوم سيدي عـــزوز من جهة البيض ( وعلى الأرجح من النعامة لأنها كانت تابعة للبيض وهي التي نزل بها أولاد عـــزوز بقصر الصفيصيفة بعد هجرتهم من المغرب الأقصى ) ، والدكتور يحي بوعزيز عندما تحدث أيضا عن الاسرة العزوزية في حاضرة الزيبان فقال : (( أسرة بن عزوز الدينية ذات الشهرة الكبيرة والمكانة في إقليم الزيبان ، قدمت من الناحية الغربية واستقرت في واحة البرج قرب بسكرة منذ خمسة أجيال )) ، وما جاء في المجلة الإفريقية وكلام الدكتور يحي بوعزيز يتطابق مع ما جاء به الشيخ ابراهيم خريف النفطي صاحب كتاب المنهج السديد الذي تحدث عن هجرة عزوزية قادمة من المغرب دخلت مدينة نفطة التونسية عام 1650م .

واتصل بي أيضا أحد الإخوة من بني صاف بغرب الجزائر وأخبرني بأنه من أولاد عــزوز وأن أصول أجدادهم من منطقة أولاد سيدي الشيخ أيضا ، وهاجروا نحو الشمال واستقروا بمنطقة بني صاف وما جاورها من مدن الغرب الجزائري .

ومن أبرز مظاهر هذه الروابط ، علاقة المصاهرة التي جمعت بين آل سيدي الشيخ ممثلة في فرع الشيخ بوعمامة وبين آل سيدي عــزوز ممثلة في فرع الشيخ محمد بن عــزوز البرجي ، فقد تزوج سيدي الطيب بن الشيخ بوعمامة من فرحوح بنت الشيخ محمد بن الشيخ المبروك بن نور الصحراء الشيخ محمد بن عزوز البرجي ، وكان هذا الزواج قد جاء بعد مرحلة عصيبة مر بها سيدي الطيب ، إذ أسر وسجن في سجن الدكاكين بمدينة فاس بالمغرب ، ثم نقل إلى سجن المخرق بالأغواط عام 1905، وبعد إطلاق سراحه عام 1906 ووضعه تحت الإقامة الجبرية ، تم هذا الزواج يوم السابع من فيفري 1907 بالأغواط ، فعزز الروابط السابقة ، ليصبح رمزا للوحدة والتضامن بين العائلتين الكريمتين ، وأثمر هذا الزواج عن إنجاب ثلاثة أبناء وهم : الوردي ، عبد الرحيم ، علي ، الذين شكلوا ثمرة هذا الاتحاد الأسري المبارك بين آل سيدي عــزوز وآل سيدي الشيخ .

لذلك فإن العلاقة بين آل سيدي عزوز وآل سيدي الشيخ ليست مجرد مصادفات تاريخية ، بل هي دليل على تشابك عميق في النسيج الاجتماعي والثقافي لهذه القبائل ، فالتشابه في الأسماء ، والأماكن والمشاركة في النضال والمصاهرة ، كلها تشير إلى تاريخ مشترك وروابط متينة استمرت عبر الأجيال ، وتوجد أسماء أماكن ورجال منتشرة بكثرة بينهم على سبيل المثال :

01 - توجد عوينة بوبكر بالبيض التي جرت بها معركة بين أولاد سيدي الشبخ والقوات الفرنسية ، وتوجد بالمقابل لعوينة بعين الريش كان يقطنها أولاد عـــزوز وفيها كان يقطن جد احد فروع اولاد عزوز وهو بوبكر بن محمد بن دغيم .

02 - توجد منطقة الديغم بالبيض وجرت هناك معركة وادي الديغم بين القوات الفرنسية واولاد سيدي الشيخ وبالمقابل يوجد جد جامع لعدة بطون من أولاد عـــزوز بعين الريش يسمى سي دغيم .

03 - توجد منطقة بورديم بعيون سيدي ملوك الشرقية بوجدة أين كان يقطن وتوفي الشيخ بوعمامة ، ويوجد وادي بورديم بأولاد سيدي إبراهيم أين كان سكن أولاد عزوز قديما .

04 - إسم بن حمزة و بوبكر وبلخير والشيخ والعلى عند أولاد سيدي الشيخ بكثرة وبالمقابل توجد هذه الأسماء بكثرة عند أولاد عــــزوز .

05- تقسيمات أولاد عزوز المتحالفين مع أولاد نائل شراقة وغرابة مثل ما هو موجود عند أولاد سيدي الشيخ شراقة بالجزائر وغرابة بالمغرب الأقصى .

صورة الشيخ سي الطيب بن الشيخ بوعمامة

*** أبو القاسم عبد الفتاح إبراهيم بن أحمد عــــزوز