سي محمد بن ادغيم بن عـزوز ... معلم القرآن وشاعر البادية
هو محمد بن ادغيم بن محمد بن عزوز شاعر وفارس ونسابة ، ولد بالتقريب في أواخر القرن الثامن عشر في عين الريش ، لأسرة يعود نسبها لسيدي بن عـزوز الذي سكن ببوسعادة وصاهر أولاد عيسى بن نائل قبل رحيله للزيبان ، حفظ بن ادغيم القرآن الكريم وبعض من علوم الفقه ، كحال كل أولاد عزوز في ذلك الوقت ، وعند بلوغه مرحلة الشباب تعلم الشعر وحفظ الأنساب .
عرف عن بن ادغيم بأنه كان كثير الصحبة لـعطية بن ابراهيم فارس قبيلة أولاد لعور ، القبيلة التي اندمج معها أغلب أولاد عـزوز القاطنين هناك ، فكان يسافر معه في ترحاله وخاصة عند ذهابه للصيد ، وأما في أواخر عمره ، فكان يقضي أغلب وقته مع الشيخ الشهيد سي عبد الرحمان طاهيري صاحب زاوية دمد بمسعد ، أحب الشيخ سي عبد الرحمان طاهيري مجالسته وأعجب بصحبته، ولقبه بـ"صاحب السبع خصال"، تلك الخصال النبيلة التي تميز بها العرب ، كالشجاعة والكرم وحفظ النسب والشعر وغيرها من الصفات ، وقد مدحه سي بن ادغيم في أبيات كثيرة لكن لم نعثر عليها .
وللشيخ سي بن ادغيم أبيات مازال يتناقلها الناس تروي أنه قال هذه الابيات من الشعر بعد عزمه الرحيل مع الفارس عطية بن إبراهيم ، وعندما رفض كبار احدى فرق عرش أولاد لعور ذهابه ، وطلبوا منه البقاء في المحاقن لأنهم يحتاجون لمعلم قرآن ، لكنه رفض طلبهم ، ولما عجزوا عن إقناعه بالعدول عن الرحيل ، ذهبوا لصديقه سي بلقاسم ، وطلبوا منه بأن يترجاه بأن لا يرحل ، لما له من مكانة عند بن ادغيم ، فجاء سي بلقاسم مع نفر من كبار تلك الفرقة من أولاد لعور لسي بن ادغيم ، بدأ سي بلقاسم يمهد ويتلطف في الكلام ، فعلم سي بن ادغيم بأن سي بلقاسم يريد منعه من الرحيل ، فقال له :
سي بلقاسم مرحبا لينا قرب *** جاهك راه اكبير ذا الواجب خاطيه
اتسامي فيا بالعقل وأنا شراد *** اربط عودك لا اتقول ادهميه
حدثني من القلب وتساول ليا *** واربط سدك لرواد اليوم اعليه..
ثم قال :
اذا قتلك نخطي احبابي قا نكذب *** ولي يحبوا القلب واش اتقولوا فيه
ادو النجع مع الذراري واخطوني *** وادو البيت بقشها لا حاجة بيه
خلوني أنقابل احبابي في شجرة *** نبكي على لي مات والحي انعزيه ....
ثم اكمل مفاخر بأولاد لعور الذين رافقوا عطية بن إبراهيم فقال :
انتم تصطادوا قالرنب والحجلة *** عرشي هذا الصيد ما يستعرف بيه
عرشي ايبكر للقزال مع اللدمي *** انديرو بكرا وينا عام انروحو ليه
يتكلم بارود في قماقم بكرا *** اينح اخباث القلب يبرا ويداويه ....
ثم يتكلم مادحا لنفسه فيقول :
من ربي قاشي احبابي معطية *** معطا ربي شوف عبدو ما يعطيه
بن دقيم لا يزوخ ولا يكذب *** عز الأحباب قايمو لا يعلم بيه ...
وله كذلك ابيات عن آخر الزمان واختلال الموازين وتصدر السوقة على الأخيار فيقول :
إيجي قاشي ما أحضر لڤحار البل *** يملك في الصحراء إيڤلك زيد الهيه
ما يعرف جواب ما يعرف هدرة *** ما يصنصت كي أتعود أتحدث فيه
أتعود الهامة على العارم تتهدد *** وأيعود التيس يزعك الطير إيجنيه
لعڤاب أمسيكين بجناحوا فرفر *** خايف من فرخ الحدا يلحق بيه...
وله أيضا رثاء شهير لصديقه الفارس عطية بن ابراهيم يقول فيه :
يا عڨاب شبكة زيانة *** يا مهول العڨد الراسي
ميت في قبرو يتعانى *** خير من حياة مولاها منسي
للأسف الكثير من أشعار سي بن ادغيم مازالت لم تدون فضاع الكثير منها ونسب الباقي لأناس أخرين ، ولم يبقى ما هو مدون سوى مخطوط معاد نسخه يتحدث فيه عن نسب أهله ، ويعتبر أول مخطوط يتناول نسب أولاد عزوز النازلين عند أولاد نائل ، كتبه في عام 1278 هجرية الموافق بالتقريب لــ عام 1863 ميلادية ، بين فيه نسب قومه و هجرتهم ومواطنهم في الزيبان ببرج بن عــزوز والمحاقن عند أولاد نايل وفي أولاد بن حرز الله بالصحراء وأماكن أخرى .
وكما تحدثنا سابقا فإن المخطوط الأصلي لا يزال مفقودا ليومنا هذا ، أما النسخة التي كتبت عام 1922، من طرف ابن عمه الشيخ سي عيسى بن الحاج محمد العسكري بن بوبكر ، فهي كذلك ضاعت بدورها ، ولم يبق منها سوى ورقة واحدة معاد نسخها بعد الاستقلال ، وتم نسخ المخطوط أيضا من طرف ابن عمه الشيخ سي بلخير بن سي بولنوار بن بلقاسم ، وهذه النسخة هي الوحيدة الباقية والموجودة حاليا .
رحم الله صاحب السبع خصال سي محمد بن ادغيم بن محمد بن محمد بن زيان بن أبي سعود بن محمد بن رحمون بن أحمد بن عــزوز
*** أبو القاسم عبد الفتاح إبراهيم أحمد عـــزوز